gototopgototop
Get Adobe Flash player

ترجم الموقع إلى لغتك

القس نصرالله زكريا

من كتاباتي

  • الموت في المفهوم المسيحي
  • المفهوم المسيحي للعشاء الرباني
  • نؤمن بإله واحد
  • عودة المسيح ثانية ودينونة العالم
  • الزواج في المسيحية
  • المفهوم اللاهوتي للثورة
  • الثالوث في المسيحية توحيد أم شرك بالله

ابحث في الموقع

رأيك يهمنا

هل تعتقد أن الأعمال الحسنة والأخلاق الجيدة تؤدي بالإنسان إلى الجنة؟
 

زوار من كل مكان

free counters

المتواجدون الآن

يوجد حالياً 8 زائر متصل
الرئيسية مفاهيم التبشير رؤية كتابية ولاهوتية -

تناول الإعلام المصري بمختلف أطيافه وألوانه قضية شغلت الرأي العام المصري كثيراً، هذه القضية هي قضية التبشير والتنصير، حتى أن كلمة مبشر أصبحت كأنها تهمة يحاول كل مَن يُتهم بها أن يتنصل عنها ويتبرأ منها، سواء كانت التهمة موجهة لفرد أو لكيان كالكنيسة مثلاً، وخرجت علينا بعض القيادات الكنسية تحت وطأة هذه الضغوط -الإعلامية والمجتمعية- بتصريحات تنسف من الأساس عمل وخدمة الكنيسة، تلك الخدمة التي جعلت الله يُرسل ابنه للعالم، في محبة وتضحية قادت المسيح إلى الموت موت الصليب، وعبر رحلة المسيح على أرضنا علَّم تلاميذه أساسيات التبشير وأرسلهم في حملات تبشيرية تدريبية (متى 10: 5-15)، وحتى بعد موته وقيامته كانت آخر كلمات المسيح لتلاميذه: "«دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ. فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِين" (متى 28: 18-20)،

وهذه الوصية هي ما تُطلق عليه الكنيسة مصطلح "المأمورية العظمى" أو "الإرسالية العظمى"، وقد فهم التلاميذ والرسل معنى أن يحققوا هذه الإرسالية، فمن خلال تبشيرهم لليهود والأمم –برغم ما عانوه من اضطهاد وقتل وتشريد وتشتيت- استطاعوا أن يفتنوا المسكونة (أعمال 17: 6).

وقد جاءت المسيحية إلى مصر عبر مُبشِر حمل رسالة الفرح والبشرى السارة إلى شعب مصر الذي كان مازال يرزح تحت العبادات الوثنية، ولقد عانى المبشرون الأوائل من نير الاضطهاد والتعذيب والقتل، وكانت أنشودتهم: "مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟.كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ». وَلَكِنَّنَا فِي هَذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا" (رومية 8: 35-37)، وبعد معاناة واضطهاد عنيف، تخضبت الكنيسة بدماء الشهداء، لكن رسالة محبة الله انتصرت، وأعلن الإمبراطور الروماني إيمانه بالمسيح وتحول إلى المسيحية وهكذا أصبحت المسيحية هي الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية، وقد غمر الله بلادنا برسالة محبته. حقاً "مَا أَجْمَلَ عَلَى الْجِبَالِ قَدَمَيِ الْمُبَشِّرِ الْمُخْبِرِ بِالسَّلاَمِ الْمُبَشِّرِ بِالْخَيْرِ الْمُخْبِرِ بِالْخَلاَصِ ..» (إشعياء 52 :  7).

وبعد ألفي عام وتحت وطأة ضغوط -أقل كثيراً بما لا مجال لمناقشته- تتبرأ الكنيسة من عملها ودورها في إعلان رسالة محبة الله، إن الرسالة التي أوكلها المسيح لكنيسته هي الدعوة والتبشير باسمه، ورعاية أولاده المؤمنين، وهنا أجد أنه لابد لأن نذكر الكنيسة بدورها الحقيقي وسط العالم، لأنه وإن كان المسيح صلى لأجل تلاميذه وسط العالم، لم يصل طالباً أن يؤخذوا من العالم بل أن يُحفظوا من الشرير.

ما هو التبشير، ومَن هو المبشر؟

التبشير في لغتنا العربية يعني إعلان رسالة فرح، والبشرى السارة، سواء كانت هذه الرسالة اجتماعية أو علمية أو دينية أو غيرها، وحين يجد الإنسان أمامه خبراً مفرحاً يُسرع حاملاً الأخبار السارة ليُفرح بها الآخرين، وعندما يستمع الآخرون إلى رسالة البشرى، فإنهم يفرحون ويُطلقون على هذا الشخص بأنه "وش خير"، أو بلغة أخرى "مبشر"، فالمبشر هو حامل رسالة الفرح والتشجيع والأخبار السارة لغيره. 

التبشير رسالة السماء للأرضيين

كان الوعد الإلهي بعد سقوط الإنسان، بأنه سيولد مخلص، وجاء الصوت الملائكي معلناً البشرى السارة للقديسة العذراء مريم: " سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ  .. لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هَذَا يَكُونُ عَظِيماً وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ. وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ" (لوقا 1: 26- 33)، وبعد ميلاد السيد المسيح نرى ملاك الرب يُبشر الرعاة قائلاً لهم: ".. هَأَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (لوقا 2: 10، 11)، وتغنى جند السماء قائلين: "الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ" (لوقا 2: 14).

بشَّر الملاك جبرائيل العذراء، وبشَّر الملائكة الرعاة، واهتدى المجوس للمسيح بنجم سماوي، لقد كانت رسالة خلاص الله، هي رسالة التبشير التي حملها الملائكة للأرضيين.

التبشير عمل المسيح أثناء تجسده

نستطيع أن نلخص عمل المسيح أثناء تجسده على الأرض بما كُتب عنه في سفر أعمال الرسل: "يَسُوعُ الَّذِي .. جَالَ يَصْنَعُ خَيْراً وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ .." (أعمال 10 :  38)، وقد كتب عنه البشير متى: "كَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضَعْفٍ فِي الشَّعْبِ" (متى 4 : 23)، وما أكثر ما كُتب عن المسيح أنه كان يجول مبشراً، ومعلماً وشافياً، وقد درَّب تلاميذه أن يكونوا مبشرين، وأرسلهم في حملات تبشيرية ليُبشروا القرى والمدن المحيطة (متى 10، مرقس 13، لوقا 9)، وقد كانت آخر كلمات المسيح لتلاميذه بعد قيامته وقُبيل صعوده أن يكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها (مرقس 16: 16).

التبشير كان جلَّ اهتمام المسيح أثناء تجسده، وكان موضوع تدريب تلاميذه لتحقيق إرساليته لهم للعالم.   

التبشير عمل كنيسة المسيح

 كان تأكيد المسيح لتلاميذه هو ألا يبرحوا من أورشليم حتى يلبسوا قوة من الأعالي، ما هو الهدف من هذه القوة؟ كان الهدف هو أن يصبحوا مبشرين بعمله ورسالته دون خوف من قوى الشر المحيطة بهم، وهذا ما حدث، فبطرس الذي جبن أمام جارية، نراه بعد حلول الروح القدس يجاهر أمام قادة اليهود: "هَذَا أَخَذْتُمُوهُ مُسَلَّماً بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ وَبِأَيْدِي أَثَمَةٍ صَلَبْتُمُوهُ وَقَتَلْتُمُوهُ" (أعمال 2 : 23)، وكانت نتيجة هذه العظة أن ثلاثة آلف شخص أعلنوا إيمانهم بالمسيح.

نعم ".. وَكَيْفَ يُؤْمِنُونَ بِمَنْ لَمْ يَسْمَعُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يَسْمَعُونَ بِلاَ كَارِزٍ؟" (رومية 10 : 14).

التبشير عمل كل ابن لله

إن أولاد الله الذين اختبروا الحياة في المسيح، والذين تمتعوا بغفرانه مُطالبين أن يعلنوا هذه البشرى السارة لغيرهم، هذا ما نرى المسيح يُشدد عليه لكل مَن آمنوا به، كان يقول: "إذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ وَإِلَى أَهْلِكَ وَأَخْبِرْهُمْ كَمْ صَنَعَ الرَّبُّ بِكَ وَرَحِمَكَ» (مرقس 5 : 19)،

أما عن استراتيجية المسيح لتلاميذه والتي عليهم أن يتبعوها هي ما ورد في سفر الأعمال إذ قال: "سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ" (أعمال 1: 8)، إن هدف المسيح من هذه الاستراتيجية هو الوصول برسالته إلى العالم، انطلاقاً من الأهل، الأقارب، الأصدقاء، الجيران، الجميع، وهنا الوصول إلى كل العالم، الخليقة كلها.

التبشير يعني إعلان البشرى والدعوة للتمتع بالحياة الأبدية

التبشير هو إعلان الخبر المفرح للآخرين، ودعوتهم للتمتع بالحياة الأبدية، دعوة للخلاص من الخطية، والأمر بمنتهى البساطة فكل مَن يؤمن عليه أن يعترف بفمه بالرب يسوع، ويؤمن بقلبه أن الله أقامه من الأموات فيتمتع بالخلاص (رومية 10: 9).

هذه الدعوة هي ما يُطلق عليه "التبشير"، وهو حق إنساني وديني تكفله جميع المواثيق الدولية وحقوق الإنسان والمجتمعات الراقية المتحضرة، وواجب على كل مَن يحمل رسالة الفرح وسلام الله في قلبه.

 أما التنصير فهو إعلان اعتناق المسيحية، وتغيير الدين، وهذا حق مدني، يرتبط بالقوانين الوضعية للبلاد والتي يجب أن تتسم بالاتساق مع القوانين والمواثيق الدولية، وفي كل الأحوال فإن هذا الأمر معقد ويرتبط بجوانب أخرى –غير الدينية- منها الاجتماعي ومنها الاقتصادي، وقد يكون أخرها هو الشق الديني.

وختاماً لا أجد لحالتنا –في هذه الأيام- إلا الصلاة وطلب قوة الروح القدس حتى يُصبح كل منا بطرس ثانٍ.

 

اضف تعليق


الكود
تغير الكود