gototopgototop
Get Adobe Flash player

ترجم الموقع إلى لغتك

من كتاباتي

  • الموت في المفهوم المسيحي
  • المفهوم المسيحي للعشاء الرباني
  • نؤمن بإله واحد
  • عودة المسيح ثانية ودينونة العالم
  • الزواج في المسيحية
  • المفهوم اللاهوتي للثورة
  • الثالوث في المسيحية توحيد أم شرك بالله

ابحث في الموقع

رأيك يهمنا

هل تعتقد أن الأعمال الحسنة والأخلاق الجيدة تؤدي بالإنسان إلى الجنة؟
 

زوار من كل مكان

free counters

المتواجدون الآن

يوجد حالياً 8 زائر متصل
الرئيسية مقالات ومختارات مقالات ثقافية مقالات ثقافية الدبلوماسية: فن الدفاع والهجوم -

لم تصنع المحادثات والحوارات الدبلوماسية لأجل الأصدقاء، ولم يخترعوا مائدة المفاوضات لأنهم يحبون بعضهم بعضاً، والكلام السياسي المنسق والمحترم شكلاً لا يتبادله الطرفان محبة كل منهما للآخر، ولا هم أساساً جلسوا معاً لأنهم يريدون ذلك من دواخلهم ، لقد جلسوا معاً مضطرين، فكل طرف يعرف أن الدخول في حرب مباشرة مع الآخر ربما يؤدي للهزيمة أو حتى لن يؤدي إلى نصر يستحق كلفة الحرب .
لذلك يرى كل خصم أن العنف المباشر ليس هو أفضل طريقة للقضاء علي غريمه،

 ولهذا فهو مضطر للاعتراف بوجوده وبأنه لا يمكن القضاء عليه بالحرب الصريحة، لذلك يكتمون الحرب في دواخلهم وما لم يستطيعوا فعله علناً يمارسونه بطريقة أخري مهذبة هي الدبلوماسية. فالدبلوماسية هي علم الحرب الخفية، الحرب العادية يمارسها الجنود القساة في أرض الميدان ولكن هذه الحرب يمارسها الرجال المهندمون المهذبون في غرف الاجتماعات.
الدبلوماسية هي علم العراك المؤدب والقتل المحترم المهذب، أن تقتل خصمك وأنت تبتسم له بهدوء دون أن يستطيع أحد أن يوجه لك أي لوم ولا حتى الله نفسه فهي لعبة لا يتم الاستماع فيها لصوت الله.
ربما قصدوا ظاهرياً أن تكون الدبلوماسية بديلاً للحرب ولكنها فعلياً حربٌ بديلة لها ميدانها الخاص وإعدادها الخاص وتكتيكها الخاص وأسلحتها الخاصة إنها الحرب التي تأخذ شكل السلام، والكذب الذي يأخذ شكل الحقيقة، والكراهية التي تأخذ شكل الحب، والقهر الذي يأخذ شكل الديمقراطية والتشاور. وبقدر ما يدرك المرء قوانين هذه اللعبة ويعرف كيف يمارسها بهدوء وبرود يكون دبلوماسياً ناجحاً يعرف كيف يكسب جولات الدبلوماسية, وكيف يصل لأهدافه حتى من خلال خصومه، والانتصار النهائي في المعارك الدبلوماسية هو في الغالب القرار النهائي الذي وصلت إليه الجماعة المجتمعة, وفي مصلحة أي طرف سواء كان فريقاً واحداً أو فريقين أو حتى أكثر من فريقين والقرارات التي تخرج في النهاية إلي حيز الوجود ليست بالضرورة لأنها هي الصحيحة دون غيرها،  بل لأن أصحابها انتصروا في أن يقنعوا الآخرين بأنهم مضطرون لتنفيذها وهكذا كسبوا الحرب دبلوماسياً
في الغالب يعيش الدبلوماسي في عالمين؛ العالم الظاهر الواضح علي السطح ويتسم بالهدوء والاتزان، والعالم الخفي في الداخل وهو ميدان لصراعات و أجندات وأهداف خفية ويجب أن يحتفظ الدبلوماسي الناجح بمسافة كبيرة بين الاثنين بحيث لا يظهر تماماً الداخل الخفي علي الرغم من أنه هو في النهاية الذي يشكل كافة القرارات والمسارات ولكن بأسلوب لائق ومقبول علي مستوى السطح، فإذا أردت مثلاً أن تطالب بمصلحة شخصية (هدف داخلي) فضع ذلك في مظلة مبادئ سامية، أو شعار إنساني، أو قضية جماعية تدافع عنها الجماعة كلها وتطالب بها على كونها في مصلحة الجماعة خاصة البسطاء والضعفاء فيها والذين يكون لهم قيمة كبيرة حينما يرفعون أيديهم للموافقة علي القرارات.
الدبلوماسية وفن الهجوم
إذا أردت أن تقتل خصومك فاقتلهم باسم المبادئ أيضاً، فهكذا تم قتل المسيح، في كل الأحوال تعلم أن تهاجم دون أن تظهر عدوانية، وأن تدافع دون أن تظهر خوفاً أو ضعفا.ً
يجب أن تتعلم كيف تكون مقنعاً ليس فقط بإجادة الكلام، بل أيضًا أن تجيد فهم واستخدام مفردات اللغات غير المنطوقة فأنماط الجسم وحركات اليدين وتعبيرات الوجه ونظرات العينين بل وطريقة السلام والتحية كلها لغات، بل وللمكان نفسه لغة، وجميعها لغات هامة يجب أن تتقن استخدامها بالطريقة التي تثبت دائماً أنك الأعلى والأقوى.
عليك أن تتعلم كيف يحوي كلامك وسلوكك رسائل خفية ما بين طياته تصل بوضوح للخصم ولكن دون أن يمسك شيئا عليك ولكي تفعل هذا تحتاج لأن تكون كل جملة تنطق بها علي القدر الكافي من المرونة والمهارة بحيث تحوي عند الضرورة حسن النية وسوء النية معاً، أو الأدب وغير الأدب معاً، أو القصد ودون القصد معاً، أو الجد و الدعابة معاً، أو الطيبة والشراسة معاً… وغيرها الكثير.
الدبلوماسية وفن الدفاع
وحين تدافع عن شئ ما حتى لو كنت متأكداً في عالمك الداخلي أنك على خطأ ولكن يجب أن تتبع الأساليب التي بها تثبت للآخر أنك غير مخطئ بالمرة، بل أنك غير قابل للخطأ من الأساس خاصة ونحن نعيش بمنطق أن القوة تصنع الحق وليس أن الحق يصنع القوة، وإن افترضنا أنك أخطأت فإن أخطاءك هي أخطاء مقدسة في حد ذاتها, مقبولة وضرورية، إذ لم يكن من الممكن إيجاد بديل لها, كما أن الله سوف يحولها للخير فكل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله. وإن زاد الأمر سوءاً ذات مرة واحتجت أن تعتذر فلا تعتذر بكلمات الاعتذار الصريحة مثل (أنا أسف أو أنا أعتذر) فهي كلمات تضعك في موقف المخطئ بل قل تعبير المصريين المشهور (معلهش ما كانش قصدي) وعامة في أجواء الدبلوماسية الكلامية ومفرداتها المعتادة من رفض وشجب وتأييد فإن نهاية كل مصيبة يمكن أن تعملها هي أن تعتذر وهكذا تنتهي القصة.
وهناك أيضاً أساليب عملية كثيرة نستخدمها عند الدفاع منها، أسلوب تغيير الموضوع، والأكثر حنكة أسلوب تغييب الموضوع؛ وهو ألا يظهر الموضوع الأساسي من الأصل على ساحة المناقشات وذلك عن طريق إلهاء الجماعة بمواضيع أخرى هامشية مثيرة للجدل ومستنزفة للوقت.
أسلوب أخر يمكن أن نسميه (صدمة المياه الباردة) وهو أن تفاجئ من يهاجمك بمياه باردة تسكبها في وجه غضبه الساخن وذلك بأن تهدأ وتظهر له أن غضبه في حقك هو موضوع أكبر من الموضوع الذي هو غاضب بسببه أصلاً أو أنه استخدم لفظاً أو أسلوباً غير لائق وبالتالي يصبح هو المخطئ الذي يجب أن يعتذر ويضيع الموضوع الأساسي.
كل هذه أساليب فعالة ولكن أكثرها فعالية هي أن تستخدم نصاً كتابياً يساندك، وهكذا يستد كل فم ولا سيما وأنك المحافظ والآخرون متحررون, وما أكثر ما أخفته عباءة القداسة والتقوى تحتها من أخطاء وعيوب عبر التاريخ.
الدبلوماسية والعلاقات
في عالم الدبلوماسية تحكمنا المصلحة، لذا فالعلاقات التي تشكلها المصلحة لا تهدف إلا للأخذ، فالعلاقة مع الأخر ليست هدفاً في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة. ولكن بالرغم من كونها أنانية وذاتية الهدف إلا أنها تأخذ شكل الصدق مع الأخر في أوانها، وبالطبع لا تتسم العلاقات هنا بالثبات والاستمرارية، بل بالتغير أو بمعني أكثر دقة، كل العلاقات لها تاريخ صلاحية محدد مقترن بانقضاء الهدف من ورائها، لذلك لا نثق بالآخرين كأصدقاء، بل نثق بهم كأدوات، تستخدم في وقتها لتحقيق هدف معين. كما أن أهمية الأفراد أطراف العلاقة تختلف من فرد لأخر, بل تختلف أهمية الأفراد أنفسهم من وقت لأخر (قبل الانتخابات وبعدها مثلاً)، وربما يأخذنا هذا الأمر للطريقة التي يصنع من خلالها القرار، فيمكننا أن نطلق عليها اسم المركز والمحيط، مركزٌ يصنع ومحيطٌ يتبع، مركزٌ يصنع القرار ومحيطٌ يُستخرج منه القرار، فحتى طريقة جلوسنا تثبت أن هناك مركزاً ومحيطاً للقرار، بالطبع هناك أفراد في المركز وهم عدد محدود ومع ذلك فإن القرارات تحسم فيما بينهم وربما قبل الاجتماع نفسه علي أساسات تأخذ في الاعتبار ربما مراعاة مصالح ما أو منافسة علي مصالح ما، لذا فتقسيمة الفرق جاهزة قبل دخول أرض الملعب ، وأيضا الاتفاق علي خطة اللعب أوالطريقة التي سيتبعها المركز لمغازلة المحيط للحصول علي أغلبية مطلقة، وهنا نرى الطريقة التي ينظر بها المركز لأفراد المحيط علي كونهم ذوي أهمية، لذا علي الدبلوماسي في المركز أن يكون له علاقات واسعة بالأفراد القابعين في مستوي المحيط وسيعتمد هذا علي درجة إقناعه لهم بنقاء أهدافه وإخلاص عطائه فكلما كان أباً في نظر الفقراء والبسطاء وبطلاً مصلحاً غيوراً في نظر الثوار الغاضبين كلما كانت دائرة علاقاته بأدواته ….. عفواً بأصدقائه كبيرة
الدبلوماسية وأمانة الكلمة
ليس السؤال الذي يشغل بالنا عندما نتكلم هو ما الحقيقة؟ بل ما المصلحة التي تعود من وراء الكلام؟ أو ما المصلحة التي ربما تفقد من وراء الكلام؟ وعادة نحن لا نرفض الحقيقة - لا سمح الله - بل نحن مختلفون بشأنها فكما يقولون،للحقيقة ثلاثة جوانب،جانبك أنت, وجانبي أنا,والحقيقة نفسها. لذا فالموضوع غير متفق عليه، نحن سنقول الحقيقة ولكن بدبلوماسية ربما مثلا بإخفاء جزء من الحقيقة، أو إعادة صياغة الحقيقة، أو صياغة عبارة مضللة تحمل الحقيقة وعكس الحقيقة معا، أو صياغة عبارة مبهمة تترك للسامع أن يفسر أو يظن أنه يعرف الحقيقة، أو عرض الحقيقة بأسلوب يهول أو يصغر من واقع الحقيقة، أو حتى تأخير إعلان الحقيقة فمن من الناس إذن بوسعه أن يتهمنا بالكذب؟
هل نحن دبلوماسيون حتى مع الله؟
هل أصبح كل الجانب الذي يجب علينا أن نؤمنه هو جانبنا أمام الناس، والبراءة التي نطمح بها هي براءتنا في نظر القوانين والقرارات التي لا تمسك علينا خطأً قانونياً أو دستورياً، هل في كل المرات التي سرنا فيها سيراً قانونياً كنا في الطريق الذي يريده الله حقاً؟ وان كانت الإجابة لا، فلماذا لا نتوب؟ والخوف هنا من أن تكون دبلوماسيتنا قد لحقت حتى حوارنا مع الله وأن كلمات صريحة ومباشرة مثل التوبة قد تجرحنا أو حتى تكون من فئة قديمة ومستهلكة أمست لا تناسب المعاصرين، فالتوبة كلمة تقليدية ونحن مبتكرون، التوبيخ كلمة جارحة ونحن رقيقو المشاعر، الاعتراف كلمة قاسية ونحن لسنا بمجرمين، التواضع كلمة مهينة للذات ونحن لنا كرامة، طاعة الله كلمة طفولية ونحن ناضجون، تأنيب الضمير كلمة تعذيبية للنفس ونحن أسوياء، الصدق كلمة ساذجة ونحن أذكياء!!.
ولكن في كل الأحوال علينا أن نعترف بأن مقاييس الوعاء الفاسد أو الصالح تحددها أعين الفخاري نفسه وليس أعيننا نحن. حتى وإن كان الإصلاح وإعادة البناء والتشكيل عملية مؤلمة ومكلفة لكن لا مفر منها إذا ما قررنا البقاء و من الأفضل أن نعترف أيضاً أنه حين لا نتعلم من التاريخ نحن نعيد التاريخ، فإن الله لم يسبق أن احتفظ لنفسه بوعاء فقد صلاحيته للاستخدام الإلهي.