gototopgototop
Get Adobe Flash player

ترجم الموقع إلى لغتك

من كتاباتي

  • الموت في المفهوم المسيحي
  • المفهوم المسيحي للعشاء الرباني
  • نؤمن بإله واحد
  • عودة المسيح ثانية ودينونة العالم
  • الزواج في المسيحية
  • المفهوم اللاهوتي للثورة
  • الثالوث في المسيحية توحيد أم شرك بالله

ابحث في الموقع

رأيك يهمنا

هل تعتقد أن الأعمال الحسنة والأخلاق الجيدة تؤدي بالإنسان إلى الجنة؟
 

زوار من كل مكان

free counters

المتواجدون الآن

يوجد حالياً 11 زائر متصل
الرئيسية دراسات كتابية دراسات كتابية مفهوم الإيمان في الكتاب المقدس -

لا شك أن مفهوم الإيمان في العهد القديم لدى الدارسين للكتاب المقدس، هو أن الفعل "يؤمن" من اكثر الكلمات أهمية ومركزية لوصف الخبرة المسيحية بخصوص العلاقة مع الله، ومثل أغلب هذه الكلمات الكتابية الهامة فقد تُستخدم هذه الكلمة بطريقة لا تتناسب مع المفهوم الكتابي لها. والملاحظة الكتابية المبدئية حول مفهوم الإيمان، هي أن موضوع أساس الإيمان ليس مجموعة من الأشياء أو الطقوس أو الممارسات، بل شخص الله نفسه. وسوف نتناول في مقالنا هذا ومضات عن مفهوم الإيمان في الكتاب المقدس:-

أولاً: مفهوم الإيمان في العهد القديم:
1- الكلمات العبرية: لوصف أمر الإيمان يلاحظ الدارسون أن هناك ثلاث كلمات رئيسية في العبرية هي:
أ- (آمن) وهي قريبة من النطق العربي، وهي تأتي في جذورها اللغوية لتعني (الثقة في ,يوقن بثبات ورسوخ ,يصدق)، ومن النماذج الكتابية لاستخدام هذه الكلمة وصف موقف إبراهيم تجاه الله في تصديقه للوعد الإلهي "فآمن بالرب فحسبه له براً" (تكوين 6:15)، وهي المرة الأولى التي يأتي فيها هذا الفعل ,وبطريقة النفي يصف نفس الفعل موقف يعقوب في عدم تصديقه لخبر بقاء يوسف حيا في مصر "..... فجمد قلبه لأنه لم يصدقهم" (تكوين 26:45)،  أما في سفر الخروج فأننا نجد الفعل (آمن) ينال مكانا بارزا في الحوار بين الرب وكليمه موسى ,سواء بالزاوية الإيجابية (يصدقوا)، أو بالزاوية السلبية (لا يصدقونني) حول موقف الشعب من إرسالية موسى (خروج 4: 1، 5، 8)، وبعد إتمام الخروج نجد الرب يقول لموسى هذه الكلمات مستخدما نفس الفعل "ها أنا آتى إليك في ظلام السحاب، لكي يسمع الشعب حينما أتكلم معك، فيؤمنوا بك أيضا إلى الأبد" (خروج 9:19).
ب- مهاسه mahseh وهي تعني (ينشد الحماية) وهي تصور إنسانا فاقدا للرجاء، يبحث عمن يحميه، وبهذا المعنى نجد سفر المزامير على سبيل المثال يقدم شخص الله في تشبيهات تناسب هذا المعنى "توكلوا عليه في كل حين يا قوم، اسكبوا قدامه قلوبكم، الله ملجأ لنا" (مزمور 8:62 ).
ج- بشه وهى في استخدامها الإيجابي تشير إلى موقف الشخص تجاه الله، مختبراً أن الرب هو الهه بصفة شخصية ,وتطبيقا لهذا المعنى نجد داود يعلن ثقته في شخص الرب قائلا "أما أَنَا فَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ يَا رَبُّ. قُلْتُ: إِلهِي أَنْتَ». (مزمور 14:31)، والجدير بالذكر بأنه من ضمن 57 مرة ترد فيها هذه الكلمة في إطارها الديني في أسفار العهد القديم، ينفرد سفر المزامير بـ 37 مرة من هذه المرات.
 2- الإيمان الكاذب:- تقدم أسفار العهد القديم ما يمكن أن نسميه الصور الكاذبة للإيمان بمعنى أن يتكل فرد ما أو جماعة ما على شخص أو قوة أو شيء غير الله ,ومنها على سبيل المثال الاحتماء بالإنسان "الاحْتِمَاءُ بِالرَّبِّ خَيْرٌ مِنَ التَّوَكُّلِ عَلَى إِنْسَان" (مزمور 8:118) أو الغنى المادي "لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى الظُّلْم ِوَلاَ تَصِيرُوا بَاطِلاً فِي الْخَطْفِ. إِنْ زَادَ الْغِنَى فَلاَ تَضَعُوا عَلَيْهِ قَلْبًا" (مزمور 10:62)، وأيضا نجد القول: "هُوَذَا الإِنْسَانُ الَّذِي لَمْ يَجْعَلِ اللهَ حِصْنَهُ، بَلِ اتَّكَلَ عَلَى كَثْرَةِ غِنَاهُ وَاعْتَزَّ بِفَسَادِهِ» (مزمور 7:52) أو القوة العسكرية مثلما حذر الرب الشعب في سفر التثنية "وَتُحَاصِرُكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ حَتَّى تَهْبِطَ أَسْوَارُكَ الشَّامِخَةُ الْحَصِينَةُ الَّتِي أَنْتَ تَثِقُ بِهَا فِي كُلِّ أَرْضِكَ" (تثنية 52:28) أو البر الشخصي "إِذَا قُلْتُ لِلْبَارِّ: حَيَاةً تَحْيَا. فَاتَّكَلَ هُوَ عَلَى بِرِّهِ وَأَثِمَ، فَبِرُّهُ كُلُّهُ لاَ يُذْكَرُ، بَلْ بِإِثْمِهِ الَّذِي فَعَلَهُ يَمُوتُ" (حزقيال 13:33)، وأيضاً قول الرب على لسان نبيه هوشع "قَدْ حَرَثْتُمُ النِّفَاقَ، حَصَدْتُمُ الإِثْمَ، أَكَلْتُمْ ثَمَرَ الْكَذِبِ. لأَنَّكَ وَثَقْتَ بِطَرِيقِكَ، بِكَثْرَةِ أَبْطَالِكَ" (هوشع 13:10)
3- نموذج الإيمان:- كل من يقرأ أسفار العهد القديم باحثاً عن معنى وأمثلة الإيمان، لابد أن يقف طويلا أمام شخصية إبراهيم. والملاحظة الأولية اللافتة للنظر أن كلمة الإيمان لفظيًا لا ترد كثيراً لتصف علاقة إبراهيم بالله، ففي الحقيقة لا يرد الفعل (يؤمن) إلا مرة واحدة في سفر التكوين "فَآمَنَ بِالرَّبِّ فَحَسِبَهُ لَهُ بِرًّا " (تكوين 6:15)، ولكننا علينا الاعتناء الدقيق بهذه الكلمات القليلة لأنها من جهة تصف العمود الفقري لحياة إبراهيم، ومن جهة أخرى نجد العهد الجديد يقدم شخصية إبراهيم المرة تلو المرة كالمثال الأصيل للإيمان؛ في سفر التكوين والإصحاح الخامس عشر يعبر إبراهيم –الذي صار عجوزًا في ذلك الزمان– في حوار الرب معه عن شكواه من عدم تحقيق الوعد الإلهي بمنحه طفلا من صلبه رغم مرور سنوات طويلة على النطق به ,فقال إبراهيم للرب "أَيُّهَا السَّيِّدُ الرَّبُّ، مَاذَا تُعْطِينِي وَأَنَا مَاضٍ عَقِيمًا، وَمَالِكُ بَيْتِي هُوَ أَلِيعَازَرُ الدِّمَشْقِيُّ؟» وَقَالَ أَبْرَامُ أَيْضًا: «إِنَّكَ لَمْ تُعْطِنِي نَسْلاً، وَهُوَذَا ابْنُ بَيْتِي وَارِثٌ لِي" (تكوين 15: 2-3)،  وكان رد الرب عجيباً إذ وسع في حدود الوعد ومدى تحقيقه، وطلب من إبراهيم أن ينظر إلى السماء، قائلًا له إن نسله سيصير بنفس هذه الكثرة "فَإِذَا كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيْهِ قَائِلاً: «لاَ يَرِثُكَ هذَا، بَلِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ هُوَ يَرِثُكَ». ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجٍ وَقَالَ: «انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ وَعُدَّ النُّجُومَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعُدَّهَا». وَقَالَ لَهُ: «هكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ». وفي العدد التالي مباشرًة,يقول الكتاب المقدس "آمن إبراهيم بالرب فحسبه له برا" ,وبسبب أهمية هذه الآيات يخصص الرسول بولس تعليقا طويلا عليها (رومية 4: 18-21)، مبينًا أن كل المعطيات كانت ضد تحقيق هذا الوعد (كبر السن، مماتية مستودع سارة) ولكن إيمان إبراهيم كان الفيصل في تحقيق الوعد لانه ببساطة وضع ثقته الكاملة في شخص الرب. وفي ختام حديثنا نستخلص من خلال حياة إبراهيم تعليقين هامين:-
التعليق الأول: إن الإيمان ليس مجرد رد فعل على حادثة، حتى لو كانت معجزة مبهرة، فان أبينا إبراهيم آمن في شخص الرب نفسه.
والتعليق الثاني: يتمثل في أن الإيمان لابد أن يترجم في مواقف عملية، فالإيمان ليس مجرد مجموعة من الأفكار النظرية، وهذا كان جليا في حياة إبراهيم فقال كاتب العبرانيين عنه بحق "بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا دُعِيَ أَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ عَتِيدًا أَنْ يَأْخُذَهُ مِيرَاثًا، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي. بِالإِيمَانِ تَغَرَّبَ فِي أَرْضِ الْمَوْعِدِ كَأَنَّهَا غَرِيبَةٌ، سَاكِنًا فِي خِيَامٍ مَعَ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ الْوَارِثَيْنِ مَعَهُ لِهذَا الْمَوْعِدِ عَيْنِهِ. لأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ.
ثانياً: مفهوم الإيمان في العهد الجديد:
1- المعنى اللغوي: ثمة كلمة واحدة مع مشتقاتها كانت تستخدم في اليونانيَّة سواء الكلاسيكيَّة أو العاميَّة للتعبيرعن فكرة الإيمان وهى كلمة (بيستس) pistis والتي كانت تشمل إطارًا واسعًا من الاستخدامات الدينيَّة و الدنيويَّة ؛ وقد كان المضمون الذي يربط بين كافة هذه الاستخدامات دينيًا أو دنيويًا هو وصف علاقات تؤسس وتبنى على الثقة، وكانت هذه الكلمة أصلا تصف عقدا أساسيًا بين شريكين مع التشديد على مبدأ ثقة كل طرف في الآخر، بمعنى أن كل طرف يثق أن الطرف الآخر سيحفظ كلمته (وعده). وبحسب فهرس الكلمات اليونانية ترد هذه الكلمة ومشتقاتها حوالي 562 مرة تقريبا في أسفار العهد الجديد,منها حوالي 40 مرة تترجم الكلمة إلى المصدر (تصديق) ومشتقاته. ويلاحظ الدارسون للغة العهد الجديد أن ارتباط هذه الكلمة بأحد حروف الجر يجعل معناها يتمايز عن الاستخدامات الأخرى , فنجد الفعل منها يأتى بمعنى (يؤمن بواسطة) ليوضح الطريق الذي جاء من خلاله الشخص إلى الإيمان ؛والمثال لذلك قول البشير يوحنا عن المعمدان "هذا جاء للشهادة ليشهد للنور؛ لكي يؤمن الكل بواسطته" (يوحنا 7:1)، وفى حالة ارتباط الفعل بحرف جر آخر نجد أن المقصود وصف تأثير حياة الإيمان,ونرى نموذجا لذلك في رسالة افسس عندما قال عن أعضاء الكنيسة "لذلك أنا أيضاْ إذ قد سمعت بإيمانكم بالرب يسوع .... " (أفسس 15:1).
أما التركيب اللغوي الأكثر أهمية في أسفار العهد الجديد فهو المتعلق بحرف الجر (EIS) والذي يترجم إلي (داخل)، وترجع أهميته إلى إظهار معيار صحة الإيمان في كونه "في المسيح".
2- الإيمان وشخص المسيح: تقدم أسفار العهد الجديد شخص المسيح كموضوع ومحور الإيمان ؛وباعتبار أن المسيح هو إعلان الله الكامل والمتجسد للبشر؛ يصبح بديهيا أن يكون شخصه قلب الإيمان النابض، وبالتالي أيضا يصبح طبيعياً أن تركز أسفار العهد الجديد على تأكيد هذه الحقيقة، حتى أننا من بين عشرات الآيات التي تتكلم عن موضوع الإيمان لا نجد سوى اثنتي عشرة آية فقط يظهر فيها الله الآب كموضوع للإيمان، اذكرها هنا كشواهد فقط لأجل الدقة الكتابية وحتى يتسنى للقارئ التحقق منها:- (يو1:12، 44:12، أع 34:16، رو3:4 ,5:4 ,17:4 24:4، غلا 6:3 ,1تس8:1، تي8:3 ، عب1:6 ,1بط 21:1).
ثالثاً: الإيمان وهل يناقض العقل؟
 يظن كثيرون أن ثمة تعارضا بين الإيمان والعقل أو المعرفة، وقد يتعللون ببعض الآيات الكتابية التي يسيئون تفسيرها، مثل قول الحكيم سليمان "توكل على الرب بكل قلبك، وعلى فهمك لا تعتمد" (أمثال  5:3) رغم انه بنظرة سريعة لمفهوم سليمان الحكيم في هذا السفر ,نجد انه يطوب غير ذي مرة ".. الرجل الذي ينال الفهم" ولكنه يربط بين الحكمة (والتي تبدأ بمخافة الرب ) وبين العقل، ونجد مثالا واضحا لهذا الربط في قوله "إذا دخلت قلبك، ولذت المعرفة لنفسك ,فالعقل يحفظك ،والفهم ينصرك" (أمثال 10:2)، وفي هذا الإطار يتعرض جون ستوت للعلاقة بين المعرفة والإيمان؛ في شرحه التفسيري لرسالة افسس ويقر بأن القول بأن الاثنين لا يلتقيان هو"ادعاء شائع" نافياً وبصورة قاطعة صحة هذا الادعاء ملخصا موقفه الكتابي قائلا (لذلك فالمعرفة والإيمان كلاهما محتاج للآخر فالإيمان لا يمكنه أن ينمو بدون أساس ثابت من المعرفة ؛والمعرفة تكون عقيمة إذا لم تلد إيماناً.
رابعاً: الإيمان كطريق للخلاص
على مر عصور كثيرة احتدم الصراع اللاهوتي والعقائدي للإجابة على السؤال هل الحصول على الخلاص يكون عن طريق الإيمان أم عن طريق الأعمال؟ والدارس لتاريخ الإصلاح الإنجيلي يجد بوضوح أن البحث وراء الحصول على إجابة هذا السؤال كان العامل الفيصل لدى المصلح الأشهر مارتن لوثر وبالتالي في تاريخ حركة الإصلاح ,حيث مر بمراحل صراع متعددة ليجد خلاص نفسه ,وكيف انه بعد سنوات طويلة من الفشل الذريع في التمتع بسلام الله وجد ضالته المنشودة عندما استنار قلبه وفكره بالقول المشهور للقديس بولس مقتبسا من حبقوق النبي "أما البار فبالإيمان يحيا"(رومية 17:1وحبقوق 4:2)، ولكن الفكر الإنجيلي وهو ينادي بالحقيقة الكتابية الراسخة القائلة بنوال الخلاص عن طريق الإيمان الذي هو عطية الله (أفسس 8:2) لم يغفل أبدا أهمية الأعمال الصالحة والحسنة طاعة لقول المسيح "فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة .. " (متى 16:5)، ولكن أهمية هذه الأعمال في الفكر الإنجيلي لا ترجع إلى كون الأعمال هي جذر شجرة الخلاص الذي هو الإيمان بكل يقين وبالتالي تكون الأعمال هي الثمر المتكاثر من هذه الشجرة0