أولاً: عبر التاريخ:
من خلال قرائتنا للحقب التاريخيه الانسانيه المختلفة نجد أن المرأة غالباً وعلى مر العصور كائن مظلوم. فقد عوملت فى بعض الحضارات بالاحتقار والاهانة من الرجل، عوملن كدمى، عوملن كمجرد طاهيات، عوملن كموضوعات جنسيه ليس أكثر. وفى بعض الحضارات أتهمن أنهن ناقصات دين وعقل.
وحتى الفلاسفه نجدهم قد قاموا بتحقيرها فمثلاً: أفلاطون:- الذى كان يعتقد بأن الروح سجينة الجسد ولكى تتحرر لابد أن تتقمص جسد آخر، يقول أن الرجل التعيس عندما تتحرر روحه تتقمص جسد امرأة.
أرسطو:- أعتبر الانثى رجل مبتور من نوع ما وقال " ان النساء ذكور ناقصون يولدن بسبب عدم كفاءة الأب أو بسبب تأثير خبيث لريح جنوبيه رطبه"
يوسيفيوس:- المؤرخ اليهودى
قال " المرأه أقل من الرجال فى كل مجال"
فى كتابات التلمود نجد:- اليهودى قديماً يقف فى الصلاة صباحاً يشكر الله لأنه لم يخلقه " أممياً أو عبداً أو امرأة". أى تساوت المرأه مع الاممى النجس بالنسبة لليهودى ومع العبد الذى لا يملك حريته.
حسب الشريعة اليهوديه:- المرأة ليست شخص بل شئ – لم يكن لها حقوق شرعية وكانت تُعد من ممتلكات زوجها ويحق له التصرف فيها كما يشاء.
والطامة الكبرى فيما كتب ترتليان:- أحد أباء الكنيسة
يقول مخاطباً المرأة:" أنتِ بوابة الشيطان، أنتِ من فضضتِ الختم عن تلك الشجرة المحرمة، انكِ أول من هجر الشريعة الالهية وانتِ التى أقنعتِ ذاك الذى لم يكن الشيطان يملك البسالة الكافية لمهاجمته(آدم). لقد دمرتِ بكل سهولة صورة الله أى الرجل. وحتى ابن الله لم ينج من شرك فبسبب العقوبة التى تستحقينها وهى الموت، وجب عليه أن يموت."
و هنا وقع ترتليان فى ثلاث أخطاء ليصب جام غضبه فقط على حواء – الخطأ الأول: أنكر أن حواء صورة الله الأمر الذى يظهر جلياً فى " نعمل الانسان على صورتنا كشبهنا... فخلق الله الانسان على صورته على صورة الله خلقه. ذكراً وأنثى خلقهم...." (تك1: 26- 30)، " فقال آدم هذه الآن عظم من عظامى ولحم من لحمى، هذه تدعى امرأة لأنها من امرء أخذت" (تك2: 21- 23) وبما أن آدم صورة الله وحواء صُنعت من آدم اذاً لابد وأن تكون حواء صورة الله. الخطأ الثانى: وضع عليها فقط عقاب الموت بينما عندما نتأمل العقاب الذى أنزله الله فى( تك3: 14-19 ) كان نصيب حواء الولادة بالتعب وسيادة زوجها عليهاواشتياقها له. والموت كان عقاباً لآدم كنائب عن الجنس البشرى ككل فهو من التراب والى التراب يعود . الخطأ الثالث: وجوب الموت على ابن الله كان لفداء الانسان ككل. لأننا لو فرضنا جدلاً كما قال ترتليان أن عقاب الموت كان لحواء فقط وان الرب يسوع أخذ هذا العقاب عنها اذا فتكون حواء فقط هى التى نالت الخلاص- فى هذه الحاله يالا سعادتها- وهذا غير حقيقى فالخلاص تم لكلا الجنسين. لانه رفع الموت عنهما.
واليوم وفى بعض المجتمعات نجد المرأه مهانة بشكل آخر تحت ستار دينى حيث يفرض عليها أمور لا تستطيع أن تتحرر منها كزى معين ومظهر محدد و فروض تقلل من مكانتها و قد تهدر كرامتها. فمثلاً عندما تُوَرث فهى تُوَرث نصف الرجل، فهل هى نصف انسان ام انسان كامل؟
ولكن نشكر الله أنها فى بعض الدول مُنحت كثيرمن الحقوق كالتصويت والاقتراع، تقاضى أجراً مساوياً لما يتقاضاه الرجل فى نفس العمل، غير محظور عليها أية وظيفه سوى الخدمة الكهنوتية فى الكثير من الكنائس وهذا لاعتبارات ثقافية وليست كتابية ونشكر الله من أجل قرار السنودس السديد أخيراً بالموافقة على رسامة المرأة شيخاً فهذا يعطى بارقة أمل فى رسامتها راعية.
ثانياً: المرأة عبر الكتاب المقدس:
ما هى منزلة المرأه الحقيقية فى الكتاب المقدس بعهديه ؟ وما هى العلاقه بينها وبين الرجل من المنظور الكتابى؟
نجد هذا فى عدة محاور أهمها المساواه، المسئوليه والخدمة.
1. من حيث المساواة بين المرأة والرجل:-
• من تك 1: 26- 30
نجد ان الله خَلَقَ آدم و حواء على صورته (ع27) ولأنهما كلاهما صورة الله باركهما معاً وأمرهما ان يثمرا ويكثرا ويملئا الأرض معا وأعطاهما سلطاناً على المخلوقات معاً. اذا هما فى نظر الله متساويان لأنهما كلاهما صورته.
- و صُنع الرب الاله حواء من آدم الذى هو صورة الله دليلا جوهرياً على أنها صورة الله أيضاًُ.
وهنا يمكن أن نقول أنه فى الخلق العلاقه بين الرجل والمرأه علاقة مساواه ونديه؛ الا أن هذه المساواة بالسقوط حولت العلاقه الى رئاسة للرجل لأن هذا عقاب الله الذى أنزله على حواء بعد السقوط." ... الى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك"
ولكن مع الأسف أستغلت الرئاسه خطأ وتحولت الى سيطرة وفى بعض الأحيان الى تحقير واهانه كما تحدثنا سابقاً. فوصلت فى بعض المجتمعات والثقافات لأعطاء الرجل حق تأديب زوجته حتى بالضرب!
ولكن بالرغم من هذا نجد فى العهد القديم العديد من الصور الايجابيه للمرأه ومعاملتها فنرى فى (تث31: 12) ان الرجال والنساء والاولاد يجتمعون معاً للعباده، فى سفر الأمثال أمتدحت المرأة ووصفت بأنها فاضله عندما تقوم بمهام بيتها وزوجها وأولادها، وكرمت النساء التقيات كحنه، ابيجايل، نعمى، راعوث، أستير ...... وغيرهن.
أما فى العهد الجديد فنرى الله يعامل المرأه والرجل على قدم المساواة والأدله على هذا كثيرة منها:
• عندما أعطيت مواهب الروح القدس لم تفرق بينهما (أع2: 17، 18).
• موقف يسوع من النساء اللاتى كن يرافقنه فى أسفاره ويصرفن عليه من أموالهن.
• أول من أَوكَل لهم المسيح بالتبشير بقيامته كن النساء
ففى المسيح أنتهت الفروق العرقيه والقوميه والاجتماعيه والجنسيه، فأستعيدت المساواة بين الرجل والمرأة التى تأسست بالخلق وأُفسدت بالسقوط فى الفداء الذى بالمسيح يسوع.
فى الخلق
المرأه = الرجل
بالسقوط الرجل رأس المرأه
بالفداء المرأه = الرجل
2- من حيث مسئولية الرجل والمرأه:- (توزيع الأدوار)
يقول متى هنرى :- " ان المرأة لم تخلق من رأس آدم لئلا تسود عليه، ولا من قدمه لئلا يدوس عليها، بل من جنبه لتساويه ومن تحت ذراعه ليحميها ومن قرب قلبه ليحبها"
و فى (أف5: 23، 1كو11: 3 ) يذكر الرسول بولس أن الرجل رأس المرأه
وفى (غل3: 28) يذكر أنه ليس هناك تفرقة بين ذكر وأنثى
ولا يوجد هنا تضاد فى فكر بولس فيقول المفسرون أنه
• فى (غل3: 28) يتكلم كرسول الحرية المسيحية الذى يؤمن أنه لا فرق بين عبد أو حر ولا بين ذكر أوأنثى فى الحصول على نعمة المسيح. وهذا حق.
• أما فى (أف5: 23، 1كو11: 3 ) فيقول المفسرون أيضاً أنه يفسر تك 2
فبولس بنى تعليمه عن رئاسة الرجل للمرأه على ثلاث أمور فى عقيدة الخلق (تك2)
1- ترتيب الخلق (1تى2: 13)" لأن آدم جبل أولاً ثم حواء"
2- اسلوب الخلق (1كو11:8)" لأن الرجل ليس من المرأه بل المرأه من الرجل"
3- غرض الخلق (1كو11: 9)" ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأه بل المرأة من أجل الرجل"
وعموما فان الرئاسة التى يتحدث عنها الرسول بولس فى (اف5: 23-30) هى الرئاسة المسيحية:-
• رئاسة العناية وليست رئاسة التحكم
• رئاسة المسئوليه وليست رئاسة السلطه
• رئاسة التضحية والمحبه وبذل الذات كما فعل المسيح لأجل الكنيسه.
وبما أن هناك رئاسه من طرف على آخر اذا لابد أن يكون هناك خضوع أو عدم خضوع من الطرف الآخر للطرف الأول.
* هناك من نادوا ومازالوا ينادون بمعارضة الخضوع من المرأه للرجل على أساس أنه كان مناسباً لثقافة أنتهت ولا تناسب اليوم فربطوا بين انتهاء خضوع العبيد للساده لأنهم قد تحرروا وبين تحرير المرأة من الخضوع لزوجها.
* وهناك من يؤيدون الخضوع من المرأه للرجل كجيمس هورلى فى كتابه " الرجل والمرأه فى المنظور الكتابى" وبلور الفكره بناء على 3 اساسيات:
أ- حق البكوريه (حيث أن آدم خلق أولاً) فالبكر يرث الاشراف على الموارد ومسئولية القياده.
ب – سلطة تعيين الاسم ( التى أعطاها له الله) وهذه بناء على سابقتها فله سلطة الاشراف والقيادة.
ج – خلق المرأه لأجل الرجل (تك2: 18) " .... فأصنع له معيناً نظيره" وقد أوضح أنها لم تخلق كمتاع ولكن كرفيقة عمل وكفاح وكوكيل معه فى حكم الأرض.
وقد صِغنا العلاقة بين الرئاسة والخضوع فى المعادلات الآتية كما جاءت فى(أف5: 23- 30 ) كالتالى:
1. حب(تضحية) من الرجل + حب(كالنفس) من الرجل فى وجود عوامل مساعده (صداقه+احترام+تفاهم..........) = خضوع (من المرأه)
2. حب (من الرجل) + خضوع (من المرأه) فى وجود عوامل مساعده (صداقه+احترام+تفاهم.....) = رئاسه (للرجل)
3. رئاسه بالحب (للرجل) بالتحليل فى وجود عوامل مساعده (صداقه+احترام+تفاهم..........) = خضوع بالحب (من المرأه)
4. من المعادلات 1، 2، 3 ينتــــــــج :
5. الرئاسة بالحب + الخضوع بالحب فى وجود عوامل مساعده (صداقه+احترام+تفاهم..........) = زواج سعيد دائم (للرجل والمرأه)
3- من حيث الخدمة:-
لا يوجد ما يفيد منع المرأه من الخدمه فى الكتاب المقدس بل على العكس نجد فى العهد القديم نبيات والنبى كما هو معروف كان بمثابة الراعى اليوم. كخلده فى عهد الملك يوشيا ، مريم أخت موسى ، دبورة قاضية.
وفى العهد الجديد ، فى سفر الأعمال نجد بنات فيلبس المبشر وعددهن 4 يتنبأن و يحدثنا الرسول بولس عن الكثيرات ممن خدمن الكنيسه كأفوديه ، سنتيخى، فيبى....
من هذا كله نجد ان المرأه تاريخيا ربما وجدت فى بعض الازمان من ينصفها ولكنها لم تنصف بالكامل و عبر الكتاب المقدس نجدها لم تنصف بالكامل و بصورة لائقة الا فى العهد الجديد فى عهد النعمة والمحبة.
فالعدل والانصاف دائماً فى شخص الرب يسوع.