gototopgototop
Get Adobe Flash player

ترجم الموقع إلى لغتك

من كتاباتي

  • الموت في المفهوم المسيحي
  • المفهوم المسيحي للعشاء الرباني
  • نؤمن بإله واحد
  • عودة المسيح ثانية ودينونة العالم
  • الزواج في المسيحية
  • المفهوم اللاهوتي للثورة
  • الثالوث في المسيحية توحيد أم شرك بالله

ابحث في الموقع

رأيك يهمنا

هل تعتقد أن الأعمال الحسنة والأخلاق الجيدة تؤدي بالإنسان إلى الجنة؟
 

زوار من كل مكان

free counters

المتواجدون الآن

يوجد حالياً 8 زائر متصل
الرئيسية دراسات كتابية دراسات في شخصيات جون كالفن -

فِي الْيَوْمِ الْعَاشر مِنَ الشَّهْرِ السَّابع مِنَ السَّنَةِ التَّاسِعة مِنَ الْقَرْنِ السَّادِس عَشر. قَرن الظَّلَامِ وَالْهَرطقةِ وَالضَّلَالَاتِ، قَرْن الْبِدَعِ وَالإِلْحَادِ، وُلِدَ ﭼُون كَالفِن فِي نِيون Noyon بِفَرنسا مِنْ أَبَوَيْنِ عَرِيقَيْنِ حَسَبًا وَنَسبًا، وَدَرَجَ فِي بَيْتٍ رُفِعَ أَصْلًا وَفَرْعًا، فَأَمْتَازَ بِسِمُوِّ الصِّفَات وَكَريمِ الْأَخْلَاقِ، وَأَشْتَهَرَ بِهُدُوءِ طَبْعِهِ وَحُسْنِ مُعَامَلَاتِهِ وَقُوَّةِ ذَكَائِهِ وَفَيضِ حِكْمَتِهِ وَفَصَاحَةِ لِسَانِهِ وَسِعَةِ إِطِّلَاعِهِ وَقُوَّةِ حُجَّتِهِ وَبَيَانِهِ.

في رِحلةِ التَّعليم الْعَالِي كَرّسَ حياتهُ لِدِراسةِ الْعُلُومِ اللَّاهُوتيَّة وَالدِّينِيَّة، فَالْتَحَقَ بِجَامِعَاتِ باريس، وَلكنَّهُ نُزُولًا عَلَى رَغْبَةِ والدهِ جيرارد Gerard، سكرتير الأُسْقُف، هَجَرَ الْعُلُومَ اللَّاهُوتِيَّة وَتَوجَّهَ لِتَلَقِّي دُروس الْقَانُون في أُورليانس Orleans.
على أَنَّ الْعِنَايةَ الإِلَهِيَّة أَطْلَقَتْ سَرَاحَهُ مِنْ قيودِ الواجب الأَبويّ عِنْدَما نَادَتْ أَباهُ إِلَى العالَمِ الآخر، فَعَادَ إِلَى سَابِقِ عَهْدِهِ وَدِراساتِهِ اللَّاهُوتيَّة عَلَى يَدِ رِجَالِ الإِصْلَاحِ، وَأَهْتَمَّ بِدِرَاسَةِ الْكِتَاب الْمُقَدَّس فِي اللُّغَتَيْنِ الْأَصْلِيَتَيْنِ: الْعِبْرِيَّة وَالْيُونَانِيَّة. وَشَغَلَتْ نِعَمُ اللهِ ذَلِكَ الشَّابّ الْمُمْتَلِئ غيرةً وَالْمُتَوقِّد ذَكَاءً مِنْ خِلالِ قولِ الرَّبِّ يَسُوعُ الْمَسِيح لِنِيقُودِيمُوسَ: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَا يُوْلَدُ مِنْ فَوْقٍ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ.» (يُو3: 3)؛ فَفَتَحَ الرُّوحُ الْقُدُس قَلْبَهُ وَتَأَهَّل لِخِدْمَةٍ مَجِيدَةٍ أَدَّاهَا بِكُلِّ أَمَانَةٍ وَإِخْلَاصٍ عَلَى أَسَاسِ مَبَادئ وَتَعَالِيم الْمَذْهب الْبُرُوتستانتي.
بَدَأَ كالفن خِدْمَتَهُ الدِّينيَّة بِخِطَابَيْنِ هَامَّيْنِ قَوَّضَ بِهمَا أَرْكَانَ التَّعاليمِ الَّتِي نَادَى بِهَا أَصْحَابُ العالَم الكاذب. الأَوَّل: بِعنوانِ «الفلسفة المسيحيَّة». وَالثَّانِي: بِعنوان «التَّبْرِير بِالإِيمَانِ». بِهَذَينِ الْخِطَابَيْنِ أَهَاجَ عَليهِ الكنيسة الكاثوليكيَّة فَلَمْ يَرَ بَدِيلًا مِنَ الْفَرَارِ إِلَى [بَازِل] وَاسترابُورج! حَيْثُ لَاقِيَ وَمَنْ مَعَهُ اضِطهَادًا شَدِيدًا لِذَاتِ السَّبب، فَتَوجَّهَ إِلَى جنيف حَيْثُ وَاجَهَ عَذابًا أَقْسَى وَأَمرّ، عَلَى أَنَّهُ رغم هذه المُقاومات والاِضطهَادِ صَمَمّ فِي نَفْسِهِ أَنْ يَجْعَلَ جنيف جُمهُورِيَّةً يَسُودُ فِيهَا رُوح الإِنجيلِ، وَأَنْ يَقُودَ الإِصْلَاح الدِّينيّ مِنْهَا إِلَى فَرنسا، جَاعِلًا شِعَارهُ فِي الْخِدْمَةِ «أَغْلِبْ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ»، وَبِهَذِهِ الطَّريقة وَحَدَهَا وَرّثَ كالفن جنيف الْعِلْمَ وَنِظَامَ السِّيَاسَة فِي الْحُكْمِ وَالشَّجَاعة الأَدبيَّة، وَصَارَتْ لَهُ تُرْبة خِصْبة لِغَرْسِ الْمَبَادئ المسيحيَّة الْقَويمة، فَانْبَعَثَتْ مِنْهَا أَشِعَّةُ نُورِ الإِصْلَاحِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى كُلِّ العالَمِ.
كَالفن وَالْعَقِيدَة اللَّاهُوتِيَّة
لقد جَعَلَ كالفِن أَساسًا لِتَعاليمهِ اللَّاهُوتيَّة تَعَلِيمُ السَّيِّدِ وَأَقوالِ الرُّسُلِ، وَكَانَ قَدْ دَرَسهَا دَرْسًا دَقِيقًا وَتَشَبَّعَ بِهَا عَقْلًا وَقَلْبًا، فَأَخَذَ يَكْتِبُ وَيُعَلِّمُ وَيَعِظُ عَنْ أَهَمِّ أَرْكَانِ الدِّين الْمَسِيحِيّ، فَقَاَل عَنْ:
* الْخَطِيَّةِ: إِنَّهَا عَدَمُ امْتِثَالِ الْمَخْلُوق الْعَاقل لِشَرِيعَةِ الْخَالِق، وَهِيَ تَتَضَمَّنُ الْجُرم وَالْفَسَاد الْأَدَبِيّ، وَقَدْ حُسِبَ جُرم آدم عَلَى كُلِّ الْجِنْسِ البشريَّ، كَمَا أَنَّ فَسادَ طبيعتِهِ أَصْبَح مِيرَاث كُلِّ مولودِ الْمَرْأَةِ. وقد أَثْمَرَتْ تلك الحالة ثَمَرَةً مُرَّةً جَنَاهَا في حَياتِهِ هِيَ عَجزهُ التَّامّ عَنْ إِتمامِ العدل الإِلَهِيِّ، وَعَنْ إِتيانِ أَيّ صلاحٍ يُرْضِي الإِلَه الكامل. بَلْ لَقَدْ أَسْفَرَتْ تِلك الْحَالَةُ عَنْ إِصَابَتِهِ بِضَربَةٍ قَوِيَّةٍ أَخَلَّتْ بوعيهِ وَعَقْلِهِ وَشَلَّتْ قُوَّة الإِرادةِ فِيهِ فَأَنْحَرَفَ إِلَى سبيلِ الشَّرِّ، وَاتَّجَهَ نَحْوَ المقاصدِ الْوَثَنِيَّة الْمُنْحَطَّة، وَقَدْ حَدَثَ كُلُّ هَذَا بِكَمَالِ حُرِّيَّتِهِ وَبِمَحْضِ اخْتِيَارِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَسُوقًا إِليهِ وَلَا مُرْغَمًا عَلَيهِ. فَوَقَعَ تَحْتَ دَيْنُونَةِ اللهِ العادلة وعقابهِ الصَّارم، وَأَفْتَقَرَ إِلَى عَمَلِيّتَيّ [التَّبْرِير، وَالتَّقْدِيس] اللَّتينِ أَجْرَاهمَا الرَّبُّ يَسُوع المسيح بِمَوْتِهِ الْفِدَائِيِّ وَإِرْسَالهِ الرُّوح الْقُدُس إِلَى قَلْبِ الْمُؤْمنِ التَّائب، وَمَا قَولُ الرَّسُولِ بُولُس «فَإِذْ قَدْ تَبرَّرْنَا بِالْإِيمَانِ لَنَا سَلَامٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ». (رُو5: 1)، إِلَّا تَقْرِير لِلْوَاقِعِ.
* وَيُعلِنُ كالفِن رَأْيهُ فِي موتِ الْمَسِيح الفدائِيّ بِأَنَّهُ «إِذْ قَدْ تَجَسَّدَ وَمَاتَ وَقُبِرَ عَبَرَ إِلَى الْهَاوِيَةِ» الْعَالَم غَيْر الْمَنْظُور إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِث حَيْثُ قَامَ ظَافِرًا وَهَازِئًا بِالْمَوتِ وَشَوْكَتِهِ وَسَاخِرًا بِالْهَاوِيَةِ وَغَلبتِهَا، لِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا أَنْ تُتْرَكَ نَفْسَهُ فِي الْهَاوِيَةِ، وَلَا أَنْ يَرَى جَسَدهُ فَسَادًا فِي الْقَبْرِ. مَاتَ الْمَسِيحُ لِأَجْلِ خَطَايَانَا وَقَامَ لِأَجْلِ تَبْرِيرِنَا.
وَهُنَا وَاجه كالفِن الْقَصْدَ الَّذِي لأَجْلِهِ أَسَّس السَّيِّدُ كَنيستهُ فِي الأَرْضِ، وَهُوَ تُكْمِيلُ «نَقَائِصَ شَدَائِدِ الْمَسِيحِ.» (كو1: 24) بِمَعْنَى أَنَّهَا تُكَمِّلُ عَمَلَ الْمَسِيحِ الْفِدَائِيّ عَلَى الأَرْضِ فَتَعْمَلُ عَلَى تَقْدِيسِ النُّفُوسِ وَتَهيئَتِهَا لِمُلْكِ الْفَادِي.
وَإِذْ وَضَعَ كالفن هذا الْقَصد أَمَامَهُ أَلْقَى نَظْرَةً أُخْرَى عَلَى الكنيسةِ صَاحِبَة الْمَسْئولِيَّة فَرَآهَا وَقَدْ طَغَتْ عَليهَا ظُلْمَةُ هَذَا الدَّهرِ؛ فَانْدَمَجَتْ بِالْعَالَمِ، وَاخْتَلَطتْ بِالْحُكُومَاتِ؛ فَحَادتْ عَنْ طريقِ الْحَقِّ، وَأَهْمَلَتْ خِدْمَتهَا الْمُلْقَاة عَليهَا مِنْ مُؤَسِّسِهَا وَرَبِّهَا، فَأَنْهَضَ كالفن ذِهْنَ الكنيسةِ قَائِلًا: «إِنَّ الكنيسة فِي الْعَالَمِ وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْعَالَمِ»، وَلَكِنَّهَا تَحْتَرِمُ نِظَام الْحُكُومَاتِ، وَلَكِنْ لَا صِلَة لَهَا بِهَا، فَخِدْمَتُهَا خَلَاص النُّفُوسِ السَّاقِطة وإِخْرَاجهَا مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى النُّورِ.
إِنَّ الكنيسة فِي ذَاتِهَا هِيَ جَسَدُ الرَّبِّ وَهُوَ رَأْسُهَا، هِيَ عَروسهُ وَهُوَ عَرِيسُهَا، هِيَ شَعْبُهُ وَهُوَ مَلِكُهَا، لَهَا دُستورُهَا، وَشَرِيعتُهَا مِنَ اللهِ. وَالْمَسِيحِيُّ الْحَقِيقِيُّ هُوَ الَّذِي يُعْطِي مَا لِقَيصر لِقَيصَر وَمَا للهِ لله.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَقَدَّمُ كَالفِن وَيُعَلِّمُ بِوجُوبِ الاهتمَام بِالْكِرَازَةِ بالإِنْجِيلِ، وَأَهمِّيَّتُهَا إِصْلَاح الْفَردِ وَالْجَمَاعَةِ. وَبِوجُوبِ مُمَارسَة الْفَرائض الْمُقَدَّسة: الْمَعْمُودِيَّة وَالْعَشَاء الرَّبَّانِيّ.
فَالْمَعْمُودِيَّة فِي تَعْلِيمِ كَالفِن عَلَامَةٌ خَارِجِيَّة تُعْلِنُ تَطْعيمنَا فِي جَسَدِ الرَّبِّ يَسُوع الْمُبَارك وَإِتِّحَادنَا بِهِ بِالإِيمانِ وَالتَّوْبَةِ. وَتَحِقُّ للأَطْفَالِ وَلِكُلِّ مَنْ يُقِرُّ بِإِيمانِهِ بِالْمَسِيحِ مِنَ الْبَالِغِينَ، وَيُمَارِسُهَا بِالْمَاءِ الْقُسوس الْمُعَيَّنِينَ بِالرَّشِّ أَوْ السَّكْبِ أَوْ التَّغْطِيسِ، وَهَذَا الْمَاء لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ فِي ذَاتِهِ فِي أَمْرِ التَّجْدِيدِ، الَّذِي هُوَ مِنْ فِعْلِ الرُّوح الْقُدُس وَحدهِ فِي الْقَلْبِ.
أَمَّا الْعَشَاءُ الرَّبَّانِيّ فَقَدْ عَلَّمَ كَالفِن بِأَنَّهُ فَرِيضةٌ يَجِبُ إِتْمَامهُ بِمَادَتيِّ الْخُبْز وَالْخَمْر إِشَارةً إِلَى جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ، فَهُوَ ذِكْرَى مَوْتِ الْمَسِيحِ وَعِرْبُون الشَّرِكَة مَعَهُ وَالشَّرِكَة مَعَ إِخْوَةِ الكنيسة، وَوَسِيلةُ تَغْذِيَةٍ وَنمُو رُوحِيّينِ. وَهِيَ أَيْضًا إِخْبَارٌ دَائِمٌ بِمَوْتِ الرَّبِّ يَسُوع.
وَقَدْ عَلَّمَ أَيْضًا كَالفِن بِأَنَّ مَوْتَ الْمَسِيح الْكَفَّارِيّ -بِاعْتِبَارِ مَفُعُوله الْكَفَّارِيّ- خَاصٌّ بِالْمُخْتَارِينَ. وَبِاعْتِبَارِ كِفَايته الْكَفَّارِيَّة عَامٌّ لِلْجَمِيعِ، وَالْعِلَّةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ هُوَ قَصْدُ اللهِ الْأَزَلِيّ، لِأَنَّهُ اخْتَارَنَا لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلَا لَوْمٍ أَمَامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ (أَفَ1: 4).
وَهَذِهِ الْعَقِيدة وَالَّتِي أُطْلِقَ عَليهَا التَّعْيين السَّابِق Predestination، تَسَبَّبَتْ فِي أَعْنَفِ الْمُجَادلَاتِ، وَهِيَ لَمْ تَبْدَأْ مَعَ كَالفِن إِذْ يُمْكِنُ أَنْ نَجِدَهَا فِي كِتَاباتِ أُوغسطِينُوس وَتُومَا الْأَكْوينِي وَلُوثر وَآخرين، وَلَكِنْ ﭼُون كَالفِن بِنَوعٍ خَاصٍّ هُوَ الَّذِي فَسَّرَ أَبْعَاد مَضْمُونِهَا فِي إِعْلَانِهِ أَنَّ اللهَ أَخْتَارَ وَأَنْتَخَبَ مِنَ الْأَزَلِ أُولَئِك الَّذِين سَيَخْلُصُونَ، وَقَدْ صُدِمَ الْكَثِيرُون بِعَقيدةِ «التَّعيين السَّابق»، وَكَانَ مِنْهُمْ «ﭼُون وِسْلِي» بَعْدَ كالفن بِمِائَتِي سَنة، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ كَالفِن وَمَجْمُوعة مِنْ رُفَاقهِ -لَهُمْ مُعْتَقَدات مُتَشَابِهَة- رَأوا فِي عَقِيدَةِ «التَّعْيين السَّابق» حَافِزًا قَوِيًّا عَلَى الْحَيَاةِ بِاسْتِقَامَةٍ وَاطْمئنانٍ، فَالْقُوَّةُ كُلُّهَا فِي يَدِ الله، وَالْمُخْتَارُون يَسْتَمِرُّونَ فِي حَالةٍ آمِنَةٍ لَا تَقْوَى عَلَى هَدْمِهَا أَيُّ قُوَّةٍ بَشَرِيَّة، نَعَمْ هَذِه العقيدة كَمَا عَلَّمَ كَالفِن، وَمَعهُ الكنيسة المشيخيَّة تُعْطِي اطْمئنَانًا وَتَعْزِيَةً، إِذْ أَزَاحَتْ كُلَّ الْهُمُومِ وَحَرَّرَتْ الإِنْسَانَ مِنَ الاهْتِمَامِ بِنَفْسِهِ، لِكَيْ يُكَرِّسَ كُلَّ نَشَاطِهِ لِلْخِدْمَةِ الْمُثَابِرة للسَّيِّدِ الرَّبِّ».
وَلَا نَنْسَى تَعْلِيمَهُ عَنْ عِنَايَةِ الله الَّتِي بِهَا نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوْجَدُ، تِلْكَ الْعِنَايَة الَّتِي تَهْتَمُّ بِزُنْبُقَةِ الْحَقْلِ وَطَير السَّمَاءِ وَالْإِنْسَانِ، فَهَذِهِ الْعِنَايَةُ هِيَ مَظْهَرٌ عَظِيمٌ لِمَجْدِ الله لِلْبَشَرِ، الَّتِي تَجَلَّتْ فِي مَجِيءِ ابْنِ الْإِنْسَانِ لِتَكُونَ لَنَا حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَنَا أَفْضَل.
وَقَدْ عَمَّر كَالفِن خَمْسَة وَخَمْسِينَ عَامًا كُلُّهَا تَعَب وَجِهَاد وَأَلَم وَغَرْس وَحَصَاد، فَبِفضلِ مَجْهُودِهِ انْتَشَرَتْ المشيخيَّة فِي أُوروبَّا، فَنَجَتْ مِنَ الْهَرْطَقَةِ وَالضَّلَالَاتِ وَالْبِدَعِ وَالْخُرَافَاتِ.
وَأَخِيرًا نَقُولُ إِنَّ الْكَنِيسَة الَّتي تَربَّينَا فِيهَا وَنَشأَنَا عَلَى مَبَادِئِهَا هِيَ ثَمَرةٌ مِنْ ثِمَارِ عَمَلِ رُوحِ الله فِي تِلْكَ الشَّخصِيَّة الْفَذَّة ذَات الْعَقْلِ الْجَبَّار وَالإِرَادةِ الْحَدِيدِيَّة وَالرُّوحِ الشُّجَاعِ وَالتَّفْكِيرِ الْحُرِّ.
فَكَالفِن نَحْنُ مَدِينُونَ لَهُ بِالْكَثِيرِ، وَوَفاءً للدّينِ يَجْدُرُ بِنَا أَنْ نُوَاصِلَ السَّعْيَ الَّذِي بَدَأَهُ وَنَرْفَعَ مِصْبَاحَ الْحَقِّ الَّذِي قَدْ رَفعهُ، وَنَعْمَلَ بِرُوحِ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ أَضْرَمَهَا، وَنُنَادِي مَعَهُ بِقَولِ الْفَادِي «وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ... فِإْنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا.» (يُو8: 32، 36).
ﭼُون كَالفِن انْتَقَل بِسَلَامٍ فِي 27 مَايو 1564. وَيُشَاهِدُ الزَّائِرُون لِمَقْبَرَتِهِ فِي جِنيف الشَّاهِدَ (J. C) اخْتِصَارُا لاسْمِ John Calvin وَهَكَذَا يُدْفَنُ خُدَّامهُ لَكِنَّ الْخِدْمَة مُسْتَمِرَّة.